التدهور البيئي والنزاع الإثني في غرب السودان 2003-2023
En cours de chargement...
Fichiers
Date
2025-02-10
Auteurs
Nom de la revue
ISSN de la revue
Titre du volume
Éditeur
Résumé
شهدت الساحة الدولية في فترة ما بعد الحرب الباردة تحولا كبيرا في المفاهيم والأحداث الدولية التي كانت سائدة سابقا، حيث تحوّلت النزاعات التي كانت فيما مضى محصورة بين الدول إلى نزاعات داخلية بين مختلف الإثنيات والعرقيات المكونة للتركيبة الاجتماعية للدول محلّ هذه النزاعات، ليصبح بذلك كل من الفرد والجماعات والقضايا المرتبطة بهم وحدة تحليل أساسية إلى جانب الدولة، كما حظيت القارة الإفريقية بالنصيب الأكبر من هذه النزاعات، وذلك بالنظر لعدد النزاعات والتي جعلت منها بؤرة توتر ومسرحا للنزاعات الإثنية والعرقية، لأسبابٍ ودواعٍ متعددة، من بينها العامل البيئي موضوع هذه الدراسة.
فعلى الرغم من المؤهلات الاقتصادية الكبيرة التي تتمتع بها أغلب الدول الإفريقية، إلا أن تركيبتها الإثنية شكّلت وترا حساسا تم توظيفه من قبل المستعمر خلال الحقبة الاستعمارية للتفرقة بين التركيبة الاجتماعية الإفريقية آل فيها الأمر إلى رسم حدود بين الدول من دون أخذ عامل الإمتداد الإثني والقبلي بعين الإعتبار، كما أن فشلت غالبية دول القارة لما بعد الإستقلال في تأسيس دول قائمة على أساس العدالة الاجتماعية والاقتصادية ومبدأ المساواة في الفرص واحتواء الجميع في إطار كيان واحد، مقابل انتهاجها لسياسات جعلت من الإحتكار والإقصاء والتهميش عملة لها، لفائدة جماعة أو إثنية معينة على حساب باقي مكونات التركيبة الاجتماعية والإقليمية للبلاد، كلّ ذلك جعل من هذه المقومات والمؤهلات والتنوع الثقافي نقمة بدلا من أن تكون عاملا محفزا للرقي والتطور.
من هذا المنطلق، جاءت هذه الدراسة للبحث والتحليل وفك شفرة العلاقة التي تربط بين العامل البيئي والنزاعات الإثنية، كونه سببا في نشوب نزاعات إثنية في بعض الدول، ولم يؤدِ إلى نفس النتائج في دول أخرى، بالتركيز على ما يحدث في إقليم دارفور، الذي يتوفر على جميع المقومات التي تجعل منه إقليما رائدا في مجال التنمية، بالنظر إلى موقعه الاستراتيجي وإمكانياته الاقتصادية، حتى أن التنوع الإثني والقبلي في هذه المنطقة تميّزه بعض الخصوصيات عن غيره، من خلال التماسك والانصهار الذي عرفت به نتيجة العيش المشترك لقرون وعلاقات المصاهرة التي حدثت بين مختلف الإثنيات والقبائل، بالإضافة إلى الإرث الثقافي المشترك والمتمثل في الأساس في إتباع كامل الإثنيات والقبائل للدين الإسلامي.
إنطلاقا من فرضيات الدراسة، المتمثلة بالأساس أنه في ظل دولة يحكمها غياب العدالة في توزيع الثروات والفرص وتبنيها لسياسة قائمة على التهميش تجاه المناطق التي تقطنها إثنيات معينة، يمكن للعامل البيئي أن يساهم في نشوب نزاعات إثنية تهدد أمن ووحدة الدولة، لا سيما مع غياب استراتيجة تنموية محكمة لمرافقة قاطنة هذه المناطق في التأقلم مع الوضع الجديد